عندما جلست لامتحان الشهادة السودانية في ذلك العام كان الوالد عليه رحمة الله لم تمر على وفاته سوى سنتين وفي هذه الاعوام كان شقيقي الأكبر عبد الغفار في المرحلة الجامعية لذا فكرت في أن اسلك مجال العمل ليس لأوفر له ما يحتاج من مصاريف وغيرها وإنما لأرفع عن كاهل الاسرة مزيد من التزامات الدراسة ولم أفكر كثيرا فيما اختار من مهنة فقد كانت مهنة التدريس هي عشقي . ولكن هل سوف أنجح في تخطي عقبة التعيين كما علمت ممن سبقني لهذه المهنة حيث كانت من أصعب المهن اختيارا وذلك لأن القائمين عليها أو من انيط به مهمة الاختار كان متشددا جدا لأختيار المعلمين وبمواصفات تكاد تكون صعبة جدا ، استخرجت الشهادة السودانية وانتظرت اعلان التقديم وبالفعل خلال أقل من شهر اعلن فتح باب التقديم لمهنة التدريس على مستوى المحافظة وكانت اللجنة بالدويم باعتبارها عاصمة المحافظة وبها فطاحلة التربويين بمعهد بخت الرضا وهم من سوف تتكون منهم لجنة الاختيار ونظرتهم التربوية هي مقياس من سيختارونه . فكانت المعاينة الأولى عبارة عن تقديم الملف مكتملا ومن بعده تأتي معاينة الشخصية وهذه كانت عبارة عن مقابلة بها ما بها من اختبار وقد عرفت فيما بعد أن أعضاء اللجنة كانوا يتوجهون بالأسئلة مباشرة وكل يسأل بطريقة يحس الواقف أمامهم أنهم غير منسقين مع بعض حيث يسأل أحدهم وقبل أن تكمل الاجابة يباغتك آخر بسؤال ليس له علاقة بالأول وعرفت بعد زمن طويل هذه الاسئلة المتداخلة والمتقاطعة تحدد لباقة المجيب وحسن تصرفة وكياسته واللجنة نفسها تتشكل من عدد كبير من المسؤلين منهم من ينتمي إلى الشرطة ومنهم من ينتمي للسكة حديد ومنهم من ينتمي لادارة السجون ولا تنسى كبار الموجهيين التربويين ورجال التعليم في مختلف تخصصاتهم لذا كانت المعاينة تدل على أن من يتم اختياره لا بد أن يكون أهلا للتعليم .