أول يوم وأنا مدرس

بعد معاينة مليئة بالمفاجآت والأسئلة التي كان الواحد منا لا يحس لها بعلاقة بالمهنة التي من أجلها تقدمت بشهاداتي حيث أن الاسئلة كانت خارج مجال التدريس بتاتاً لذا كانت الحيرة تلف كل من خرج من مقابلة اللجنة وكل من دخل إليها كان يتوقع أن يسأل نفس أسئلة زميله الذي خرج للتو ولكن كانت الاسئلة فعلا تثير الفضول حيث أن كل متقدم توجه له أسئلة مختلفة كل الاختلاف عن السابق واللاحق له مما أثار نوعا من الحيرة والاحتيار بين صفوف المتقدمين للمعاينة وذلك حسب تقدير كل عضو من أعضاء اللجنة وهي عبارة عن أسئلة للكشف عن شخصية المتقدم ولهم فيها مرامي واهداف من خلالها يكتشفون الصفات الحقيقية لهذا الشخص . عموما ظهرت نتيجة المعاينة وكان العدد المطلوب حوالي 260 معلما لمناطق المحافظة الستة وهي تندلتي كوستي ربك القطينة الكوة شبشة وهذا هو التوزيع الاداري للمحافظة في ذلك الحين وعلى ما اذكر أن عدد المتقدمين للمعاينة كان يفوق 800 شخص وبعد أن ظهرت نتيجة المعاينة وكان التوزيع على المناطق مباشرة ومن هناك تجد أين تم توزيعك وفي أي مدرسة ولما كانت منطقة كوستي هي أكثر المناطق نقصا في المعلمين فقد تم توزيع كل ابناء منطقة كوستي بها اضافة إلى الفائض من بقية المناطق حيث تم توزيع عدد من أبناء منطقة شبشة وهي منطقة الدويم معنا بكوستي وكذلك بعض ابناء الكوة وكذلك من تندلتي . وعندما حضرنا لمكتب التعليم وجدنا أن كشف التوزيع قد تم رفعه بلوحة الاعلانات بمكتب التعليم وقد عرف كل منا المدرسة التي وزع بها وكانت مدرستي الرشيدي وهي قرية صغيرة تقع بين النعيم وأم جلالة ولمن لا يعرف المنطقة فهي قرية الشيخ النور محمد المقبول جودات وبها مسيده ولعدم معرفتي بتلك النمطقة فقد قرأت اسمها خطأ ( الرَََشيدِي ) وهذا ما جعلني أرفض هذه المدرسة باديء الامر وكان هناك كبير الموجهين الله يذكره بالخير الاستاذ محمد الامين النتيفة وكان مصرا علي أن أذهب للمدرسة وأراها وأحكم عليها من بعد وفي هذا الوقت تدخل الاخ محمد اسماعيل ابو قرجة وكان متعهدا للداخليات بالمدارس الابتدائية ورجل ذو علاقات واسعة داخل المكتب وخارج المنطقة فأخذ بيدي ناصحا أنه سيعرفني على الدكتور صيدلاني محمد شيخ النور في صيدليته وهي بالقرب من المستشفى وبالفعل ذهبنا له وعرفني به وعرفه بي بأني معلم وتم توزيعي بمدرسة الرشيدي حينها ضحك الدكتور ضحكة مجلجلة مما أثارت حنقي وغضبي وبعدها ردف حديثه لي بأني دفنوني حيا وقال لي وبالحرف حلتنا لو ربطوا فيها الحمار يقطع حبله ويهرب . هذا إذا كنت من أبناء المدينة ولم تعش حياة القرية أما إن كنت من أبناء القرى ويمكن لك أن تعيش حياة القرى فظني أنك سوف لا تفارقها وذلك لطيبة أهلها وعشرتهم . هذه الكلمات فعلت فعل السحر في نفسي وعرفت أن الرجل يصور قريته بكل أنانة ووضوع فهو لم يخدعني لذلك وافقت أن أذهب إلى الرشيدي .......ونواصل