العـودة الـى الـيـنـابيع ..
الشاعر محي الدين فارس
لا تُـوقظى فـى دمائى النارَ واللهبا
فـما خبا .. قلبى المشبوبُ أو نضبا
فـما تـركتُ عـلى الأمواجِ أِرعتى
لـلريحِ .. يـأخذُها التيار إن غضبا
إنـى سـمعتُ نـواقيساً تـحذِّرنى
وتـستحثُّ خـطاىَ : الوقت قد قَرُبا
وكـم تـبعتُ سـراباً لا ضفافَ له
وكـم بـنيتُ عـلى شطآنه .. القببا
هـدمت عـرشك فى قلبى فلا تقفى
عـلى جـدارى فـبابى لم يعد طربا
فـادفقى كـل سـمٍ قـد مـلأتِ بهِ
أقداحَ عمرى .. وطى المزهر التعبا
هـيهات آوى الـى نـاديك ثـانيةً
وإن نـثرتِ عـلى أقـدامىَ الـذهبا
غـنى لـغيرى فـآذانى مـعطلة’’
عـن السماعِ .. وقيثارى القديمُ أبى
فـقد سـئمتُ حـروفاً لا نخاع لها
مـلوناتٍ .. تـغطى وجـهنا الكذِبا
وعدتُ من سـفر الأزمـان
مـثـخـنة مـنـى الـجـراح...
ودمعُ الـعـينِ ما انـسكبا
وهـمت فـى مـلكوتِ اللهِ مـرتقباً
يـومَ الموازين حيث المرءُ ما كسبا
الـطيِّبون عـيالُ الله مـا انخدعوا
بـالمغرياتِ .. وساروا نحوها خببا
أيـن الـذين أقـاموا فـى مناكبها .
مروا سراعاً .. وخلو ربعها الخربا
ربـى .. أعـنِّى عليها إنها شرك’’
لـلخاطئين .. ومـهواة’’ لمن هربا
وليس .. ينجُو من الأقدارِ إن وقعتْ
من لازم الحصنَ أو من ساكن السحبا
إنى خـشـيتُ من الـدنـيا
وملء دمى نور الـيقين
يزيـلُ الشـكَّ والـرِّيـبـا
لا تضحكينـى
فـإن الـدهرَ عـلمنى ... الا أغنى
وإن غـنَّى وإن لعـبـا
قـد عـدتُ لـلنبعِ ظـمآنا ألوذ به
وليس يـظـمـأُ منـه
كل من شرِبا